مقتطفات من سيرة رجل الملك عبدالعزيز: العم ناصر بن راشد بن عبدالله رحمه الله

مقتطفات من سيرة رجل الملك عبدالعزيز: العم ناصر بن راشد بن عبدالله الجليفي:

** يعد من أعيان الدلم ومشاهيرها وأهل الحكمة فيها.

** كما يعد من رجال الملك عبدالعزيز، وأحد فرسان معارك توحيد البلاد.

** ولد عام ١٣٣٠هـ بالدلم.

** شارك مع أهالي الدلم في حرب السبلة ١٣٤٧هـ في جيش الملك عبدالعزيز، وكان معه ٥ آخرون من أسرته، قتل منهم ٣ ونجى ٣ آخرون هو أحدهم، وكان من بين القتلى شقيقه الذي يكبره: محمد (وثمة مشهد من محكمة الدلم يوثق مشاركة العم ناصر في هذه الحرب وغيرها).

** شارك في حرب استعادة عسير من تمرد الحسن بن علي الإدريسي عام 1351هـ، وكان قائد الجيش الأمير عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي.

** كما شارك في حرب اليمن في عهد الملك عبدالعزيز ١٣٥2 – ١٣٥٣هـ ضمن جيش الأمير (الملك) فيصل في ريعان شبابه، وقد شارك معهم مجموعة خيِّرة من أهالي الدلم، منهم ابن عمه محمد بن عبدالعزيزبن محمد الجليفي. وواصلوا زحفهم العسكري عبر الساحل من عسير، ثم جيزان، حيث استردوا ما احتلته قوات الإمام يحيى حميد الدين الزيدي منها، حتى وصلوا إلى الحديدة، ثم حاصروا صنعاء، حتى تم صلح الطائف عام ١٣٥٣هـ.

** بعدها توجه إلى شمال تبوك على حدود الأردن مع عدد من رجال الدلم وغيرها، بطلب من الملك عبدالعزيز، ومكثوا مدة طويله، نظرا لاضطراب الأحوال هناك، وبعدما أستتبت الأمور والأمن عادوا.

** عمل (خوي) عند الأمير عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي أمير حائل، واستمر معه سنوات طويلة، وكان ينقطع عن أهله سنتين أو أكثر دون أن يزور الدلم.

وقد عمل معه عند الأمير عبدالعزيز بحائل: ابن عمه عبدالرحمن بن عبدالعزيز بن محمد الجليفي.

** التحق بعد ذلك بإدارة المجاهدين، واستمر فيها حتى تقاعد في حدود عام 1390هـ تقريبا، وكانت خدمته فيها قرابة 36 عاماً.

** عمل فيما بعد بالرئاسة العامة لهيئة الأمربالمعروف والنهي عن المنكر.

** كما عمل إمامآ لمسجد العاقوله بالدلم، والمسجد مسمى باسمه، ولا زال بنيانه القديم قائماً كما كان. واستمر إماماً حتى وفاته.

** من صفاته ومآثره: كان رجلاً كريماً وحكيماً وشجاعاً ومضيافاً، وكان مجلسه عبارة عن عريش في مزرعته بالعاقولة من الدلم. وكان حافلاً بالضيوف من أقاربه وأصحابه ومحبيه ومن عابري السبيل، وهو أول من بادر بعمل إفطار الصائم على مستوى الدلم في وقته.

** كما كان مشهوراً كثيراً بالأمانة، ولأجل ذلك كان أناس كثير من الدلم والخرج والحوطة والأفلاج ووادي الدواسر ينيبونه في استلام شرهاتهم السنوية من الحكومة ثم يأتون إليه ويستلمونها منه.

كما كان الناس يضعون أماناتهم عنده، سواء كانوا من أهل البلد أو البلدان المجاورة كاليمن.

** ومن المواقف التي تدل أيضاً على أمانته:

أنه جاءه رجل من البادية ووضع عنده حقيبة، والعم ناصر لا يعرفه، وبعد شهرين رجع الرجل وطلب حقيبته، ثم استلمها وفتحها، واذا بها مبلغ ثلاثون ألف ريال،

وتقهوى عند العم ناصر وتعشى وشكره ثم

انصرف بعد أن عد دراهمه ووجدها كما هي. بينما العم ناصر لم يفتح الجقيبة طيلة بقائها عنده.

وموقف آخر : جاءه رجل من أهل (زميقة) يقال له: عبدالله بن سُلَيِّم  واشترى منه بذيرة وقطفها وذهب، لكن بقي شيء يسير منها لم يقطفه معه، ولم يرجع لأخذه؛ لعدم علمه به، فبقي العم ناصر يسقيه وعود الشتل الصغير الباقي فيه مع البذاير الأخرى حتى كَبُر، وكأن البذيرة لم يقطف منها شيء، ثم جاء رجل آخر للعم ناصر يسأله هل عنده بذيرة ليشتريها منه؟ فقال: عندي واحدة بعتها لرجل وأخذ بعضها ولم يرجع ليأخذ الباقي حتى الآن، فقال الرجل: بعني الباقي منها، فربما أن صاحبها الأول لن يرجع. فقال العم ناصر: اصبر وسأنظر الأمر، لكن الرجل أخذ يتردد عليه حتى اشتراها بثمن أكثر من ثمنها الأول بكثير، وقطفها، فأخذ العم ناصر الثمن ثم ذهب يبحث عن ابن سليّم في زميقة فوجده عقب صلاة المغرب، وتقهوى عنده، ثم مد المبلغ له، فقال ابن سليم: ما هذا؟ قال العم: هذا قيمة باقي البذيرة،  قال ابن سليم: أنا أخذتها كلها. قال العم: لا، أنت أخذت بعضها وبقي بعضها، وقد سقيتها وكبر الباقي وصار أكثر من الذي أخذته، وجاءني رجل واشتراها بأكثر من مشتراك مني، وهذا حلالك، فخذه. فعجب ابن سليم من أمانة العم ناصر، وأصبح يردد هذه القصة في مجالسه، ثناء منه على العم وأمانته.

** ومن صفاته المشهورة عنه: حب الخير للغير، ومساعدة الآخرين، ومما يحكى عنه في ذلك: أن بعض أهل البادية الرحَّل كانوا ينزحون من الصحراء إذا إشتد بهم الحال إلى قرب مكان العم ناصر شمال المحمدي بالدلم (العاقولة)، بعد أخذ الأذن منه ومن بقية إخوته، وكان يكرمهم خير إكرام، شريطة ان يقطنوا المكان دون تعدٍ على أحد، ولا إفسادٍ في مزرعة أحد، فكانوا ينعمون بحسن ضيافته، لكن من خالف منهم

مبدأ الإقامة والنزوح وتعدى على المزارع أمرهم بالرحيل وعدم المقام.

وذاع صيته لهذا الموقف النبيل والشجاع منه رحمه الله.

وله مواقف مشرفة كثيرة معروفة عند القاصي والداني من أعمال الخير وغيرها، وكثيراً ما كان يسدي النصائح للأخرين بحكمته وفطنته التي كانت تميزه.

** كما أنه رحل في طلب الرزق، وركب البحر، ومن القصص التي حكاها في ذلك: يقول: كنا في مركب في البحر الأحمر باتجاه جازان، فهاج البحر، وكنا نسير والحيتان تجارينا من كل الجوانب، تأكل الأسماك من خلف المركب،

فأصابنا التعب والإعياء، وبينما نحن مستمرون في الإبحار نظرنا إلى جزيرة بعيدة فقلنا لسائق المركب: اتجه بنا لتلك الجزيرة لنرتاح فيها قليلا ونتغدي بها، فلما وصلنا إليها ظنناها قريبة فاخبرنا السائق أنها بعيدة وتتطلب سباحةً للوصول إليها، فنزلنا وسبحنا طويلاً حتى تعبنا؛ نظراً لقوة الموج وهيجان البحر، حتى وصلنا أرض الجزيرة، فوجدناها مليئة بالأشجار والهوام والثعابين، وجلسنا بها وارتحنا ثم واصلنا، وحين سألنا عنها سائق المركب: قال: هذه من جزر فرسان.

** من أصحابه المقربين منه: عبدالرحمن بن خنين، وناصر بن شامان، والشاعر عبدالعزيز الهذيلي، وعبدالرحمن بن ناصر الهذيلي، وعبدالرحمن المطيردي، ومفلح القحطاني – رئيس شرطه الدلم سابقا-، والشيخ عبدالرحمن الجلال، وعبدالرحمن العسكر، وعبدالعزيز بن فهد بن معمر امير الطائف سابقاً، وعبدالعزيز السماري، وغيرهم.

** من المواقف التي حضرها مع الملك عبدالعزيز:

يقول: كنا مع الملك عبدالعزيز على السيارات في (هيت) -وهو مكان قريب من الخرج-، فجاء رجل من أهل البادية ومعه إبله، وحين رآها الملك عبدالعزيز أمرهم بالتوقف حتى لا تجفل وتخاف الإبل من السيارات وتهرب، وانتظر حتى جاء راعي الابل يمشي خلفها، فناداه الملك عبدالعزيز وسلم عليه وقال له: من أين جئت؟ قال: من الخرج، فأمره الملك عبدالعزيز بفتح خَرْجه ووضع له فيه قروشاً، ثم مشى الرجل وهو لا يدري من هو هذا الذي أعطاه القروش.

وهذا الموقف فيه برهان على لطف الملك عبدالعزيز برعيته بل وبالحيوان.

وموقف اخر ذكره لرجل آخر قدم من الصحراء حول المكان نفسه (هيت)

فتوقف الملك عبدالعزيز والتفت لوزيره وقال: يا ابن سليمان معكم غداء؟  وأعطوه غداءً ومضى، وهو لا يعرف من هذا الذي أكرمه.

** مواقف أخرى رواها العم ناصر في الحرب:

يقول: كنا في حرب، وكان  معي بندقيتي ومعنِّزها على الأرض، وموجهها باتجاه العدو أرميهم بالرصاص، وكلما ضغطت عليها أحس بشيءٍ ما تحتي، فلما حفرت لأنظر ما هو هذا الشيء، وجدت ذرة مدفونة، لكن لم آخذ منها شيئاً، لعلمي أنها ملك لشخص ما قام بدفنها هنا، ثم بعد انتهاء المعركة جاء رجل لا نعرفه وجلس على الحفرة، وصار يبيع علينا تلك الذرة نفسها: الزبيل بخمسة ريالات عربية.

** وفاته: توفي رحمه الله بتاريخ  ١٢/ ٦/ ١٤٠٧هـ، عن عمر 77 عاماً، وكانت وفاته مفاجئة، حيث لم يكن يشتكي علةً.

وقد حزن عليه من عرفه من القاصي والداني، وكانت جنازته مشهودة.

رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته، وجمعنا به في دار كرامته، وجزاه عما قدم لدينه ووطنه خير الجزاء وأوفاه.

اقرا مزيد

إضاءات من سيرة العم إبراهيم بن راشد بن محمد رحمه الله

هو أكبر إخوته من الزوجة الثانية لوالده،

وله  اخت واحده من زوجة أبيه الأولى

ولد العم إبراهيم بالدلم عام ١٣٠٨هـ، زمن الدولة السعودية الثانية.

وتربى في بيت والده.

وأدرك هو وأخوه ناصر رحمهما الله حادثة ضم الملك عبدالعزيز للدلم، وموقعة السلمية وما بعدها عام ١٣٢٠هـ، ضد ابن رشيد، وكانا حينئذ في سن مبكرة، ومما يذكر في ذلك: أن أهل الدلم كانوا يخرجون كل يوم خارج سور البلدة إلى مزارعهم ومراعيهم، ثم يرجعون آخر اليوم، وفي ذات يوم كان العم إبراهيم وأخوه ناصر راجعين من المرعى، ومعهما بقرة يجرانها متجهين بها إلى البلدة، وحين اقتربا من السور تفاجآ بذلك الجيش الكبير الذي ينزل حول السور، فانتابهما الخوف، وكان حبل البقرة بيد ناصر، فانعقد على أقدامها وسقطت، وبقي يبكي، وأخوه إبراهيم بجواره لا يعلم ماذا يصنع، فجاء بعض رجال ذلك الجيش وساعداهما، وفكوا حبل البقرة، وأوصلوهما إلى داخل السور، وأعطوهما شيئاً من الخبز. وكان ذلك الجيش هو جيش الملك عبدالعزيز رحمه الله حين قدم للدلم لينازل فيها ابن رشيد.

بقي العم إبراهيم مع والده وإخوته في المحمدي من الدلم، وسافر في ريعان شبابه الى الهند لكسب الرزق ومكث ما يقرب من عامين مغترباً هناك، كما عمل في الغوص بالخليج، ثم عاد للدلم واشترى مزرعة له شرق حي السعيدان وانتقل إليها وهو في ريعان شبابه، ومنذ ذلك الحين كان مستقلا عن مزرعة والده وإخوته بالمحمدي.

امتاز بالشجاعة والحزم والقوة، ودفاعه الدائم عن أسرته وأملاكها، حتى ذاع صيته بذلك، وعرفه الناس به وشهدوا له وهابوه، حتى لُقب بـ (النمر) لشجاعته وهيبته.

وممن شهد له بالشجاعة والغيرة على أسرته: الأمير الفارس سلمان بن محمد، حيث يروي العم محمد بن عبدالعزيز بن محمد الجليفي الملقب بـ (الفرم) يقول: ذهبت لمجلس الأمير سلمان بن محمد رحمه الله ذات يوم، فلما دخلت وجدت مجلسه ممتلئاً، فأردت الجلوس في طرف المجلس، وكان يجلس بجانب الأمير رجل من الكبراء، فناداني الأمير قائلاً : تعال يا الجليفي اجلس بجانبي، أنتم يا الجلافا لستم ببسيطين، واحد منكم غلب ستين رجلاً ولحق بهم وطردهم، والواحد من مثل هذه الأسرة مكانه صدر المجلس، فأجلسني بجانبه مكان الرجل الذي كان يجلس أولاً، فشعرت بالفخر والاعتزاز، وكان المجلس مليئاً بالحاضرة والبادية.

 

والرجل الذي ذكره الأمير هم العم إبراهيم، وهو يشير بذلك إلى حادثة وقعت في أواخر الخمسينات من القرن الهجري الماضي، حيث قام ستون رجلاً بالاعتداء على ممر السيل الواقع في ملك راشد والد العم إبراهيم، وحدث إثر ذلك مشاجرة تمكن خلالها العم إبراهيم من هزيمة الستين رجلاً وردهم، مساعداً بذلك والديه وإخوته ونساءهم. وقد اشتهرت تلك الحادثة في الدلم، كما اشتهرت شجاعة العم إبراهيم فيها، حتى قيل في ذلك بعض الأمثال الشعبية من بعض أهل الدلم.

كما كان للعم إبراهيم قصص أخرى في دفاعه عن أملاكه ضد من يعتدي عليها، خصوصاً من أهل البادية الرحل.

 

تزوج زوجتين:

وله من الأبناء 9 هم: محمد (توفي في حياة والده عام 1383هـ)، وعبدالله (ت: 1385هـ)، وعبدالعزيز (ت: 1430هـ)، وسعد الأول (توفي صغيرا)، وسعد الثاني، وراشد، وعبدالرحمن، وصالح، وزيد، وله من البنات  5 بنات.

توفي العم إبراهيم عام ١٣٨٤هـ، وله من العمر 76 عاماً، بعد وفاة ابنه محمد بعام واحد.

رحمهم الله جميعاً وأسكنهم فسيح جنته.

اقرا مزيد