بسم الله الرحمن الرحيم..
إن المتأمل بعين البصيرة للأحوال والأوضاع من حولنا ليدرك تفاهة عقول بعض البشر وتقلص هممهم وروتين حياة يشوبه التكرار والملل.
في كل صباح نستيقظ من نومنا لتمتد أيدينا لأقرب رف وُضع عليه الجهاز المتنقل، بل نتفقده في منتصف نومنا نخشى عليه وعلى كل ما يحمل بداخله أكثر من أي شيء يستحق الاهتمام فعلا ، عبث بكل جميل في داخل أنفسنا , قتل أحلامنا الصغيرة .
فتجد تلك المرأة المسكينة ليس لها هم ولا وظيفه سوى متابعة جيرانها وصديقاتها عبر ما تسمى وسائل التواصل الاجتماعي، هي ليست تتفقد أحوالهم فحسب، وإنما هي تشبع فضولها الزائد بمعرفة تنقلاتهم وزياراتهم ونشر أخبارهم لفلانة وفلانة.
بالمقابل تلك التي وضعت كل ما يخصها ويخص زوجها وأهل بيتها، هي لا تشارك لحظاتها الحلوة مع من تحب كما تدعي، وإنما هي ترضي صوت ضميرها الداخلي لتخبر العالم أجمع أنها تمتلك فلة ولديها خادمة وتستطيع أن تسافر وتصول وتجول, تفاهات متبادلة دمرت عقول البشر وشتتت الأهل والأصحاب وحملت في قلوب الأحباب الحقد والحسد والغيرة.
هذه الفئه هم من قلبوا مسمى وسائل التواصل الاجتماعي إلى وسائل الفساد الاجتماعي.
بدؤوا بالتوتير ثم الإنستقرام ثم الكيك ثم السناب شات وبعده التلقيرام ثم ماذا ؟؟
يشرحون فيها أدق تفاصيل حياتهم حلوة ومرة، غير مدركين للعواقب سواء الدنيوية أو الأخروية، وغير ملتفتين إلى مآسي المسلمين من حولهم التي في كل يوم تتزايد، وحروب العالم التي تدق في كل ليله ناقوس الخطر,
هموم أمة محمد صلى الله عليه وسلم أصبحت في أغلب المجتمعات زواجاً في فندق فخم أو طاولة طعام تضج بألاف الأصناف أو تذكرة سفر لدولة أوروبية لمدة وقدرها ,
هذه همومنا في زمن كثرت فيه الفتن والحروب والمآسي مع الأسف الشديد.
ليس من الخطأ أن تفرح وتسافر وتعيش لحظاتك الجميلة مع من تحب، لكن لا تجعلها كل همومك ولا محور كل أحاديثك ولا غاية هدفك في هذه الحياة.
الحقيقة المرة أن ذاك الطفل الرضيع الذي يئن تحت القصف في الشام ما عاد صوته يهز مشاعرنا ولا يذرف دموعنا, والحبيب صلى الله عليه وسلم يقول في حديثه الذي يصف فيه ترابط الأخوة المسلمين كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ,
ذاك الصبي المتجرد من كل ملابسه الذي تستطيع عد جميع أضلاعه هناك في إفريقيا لم نضع صورته نصب أعيينا عندما كنا نعد أصناف الطعام في الولائم والمناسبات ونرتب مئات التقديمات في الحفلات والاستقبالات.
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يردد في دعائه (اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همي ولا مبلغ علمي ….)
ونحن كنا على النقيض تماما جعلنا الدنيا جل همنا .
لنرتقي يا أخوتي بأنفسنا ولنصعد بطموحاتنا ولنسخر كل الوسائل لمصالح الدين والبلاد ومصالحنا , ولنجعل الشكر والحمد مقابل كل جميل أو سيء, نعم الله لا تدوم على جاحد , إن أخذه قوي عزيز، إن أشد ما أخشاه عليكم أن يسلب النوم من أعينكم أو أن تزول النعم من بين أيديكم.
لا تجعلوا مراقبة الناس ومتابعة المشاهير وحب المظاهر واقتناء كل ما ترونه عند غيركم هو ما تصبحون وما تمسون عليه, حتى لا تحين تلك الساعة: (رب أرجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت)..
وأخيرا..
لا تستفتحوا يومكم بالتصوير وتنهوه بالبحث والتدوير,
استفتحوه بالحمد والثناء وأنهوه بالشكر والدعاء.
أسأل الله العلي العظيم أن يبارك لنا في أوقاتنا وأعمالنا وأن لا يجعل الدنيا أكبر همنا.
مشاركة.. سارة بنت فهد بن محمد بن إبراهيم بن راشد.
عن الكاتب
3 Comments
يعطيك العافيه على المقال الجميل اعجبني جداً فهو يمثل واقع نعيشه بالفعل 💔
امين يارب العالمن
مقال رائع جداً ❤️
Ja Sie der talentvolle Mensch
http://www.seap.usv.ro/ct/TurismInBucovina/ro/forum/viewtopic.php?p=234005#234005
http://www.sexybang.top/gal/4945.html
http://www.notbred.com/
http://www.sexybang.top/